السؤال:
أنا شاب أحفظ القرآن الكريم، وأحافظ على الصلوات في جماعة، وأجتهد في صلاة النوافل، وصيام التطوع، إلا أنى ابتليت بمشاهدة الأفلام الإباحية، وأجاهد نفسي في تركها، إلا أنى أضعف، وأنا الآن أبحث عن زوجة كي أقفل هذا الباب، ولكن يصيبني قلق شديد خوفًا من أن أظلم من أرتبط بها، أو أن يعاقبني الله بها فلا يكون بيتًا به مودة وسكينة بما قدمت يدي... فما العمل؟ أجيبوني حفظكم الله.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إن الذنب الذي قد ذكرت أنك واقع فيه هو ذنب قبيح لا يليق بالمؤمنين الصالحين، وإنما هو من تزيين الشياطين لك ليفسدوا عليك إيمانك وليذهبوا أثر طاعاتك فتصير أسيرًا لشهواتك، وتسيطر عليك الحيوانية والرغبة الدائمة في ارتكاب المنكر، فرؤية الأفلام الإباحية فيه من الشرور ما يمكن أن يفسد قلب المرء ويضعف إيمانه، فإن فيه اطلاع على العورات المحرمة، وإثارة للغرائز في غير ما أحل الله، وإمراض للقلب بمرض الشهوة، وفيه زنى للعين، وفيه قضاء الأوقات في سخط الرب سبحانه، وفيه التفاف الشياطين من حولك أثناء مشاهدة تلك الأفلام فلا تأمر نفسك بمعروف ولا تدعها إلى خير، وهو مجلس لا يذكر فيه اسم الله أبدًا، وفيه قعود عن الطاعة ورضا بالمنكر، وضياع للحياء بين العبد وبين ربه.. وغير ذلك من الآثار القبيحة المشينة التي تقعد بالعبد عن المعالي وتجذبه لدونية الذنب، فيسود وجهك بذلك العمل وتذهب وضاءة العبادة.. ونصيحتي لك تكون عبر المحاور الآتية:
أولا: المسارعة بالتوبة: وأول خطوات التوبة معرفة قبح الذنب الذي تقيم عليه وتداوم عليه، وغضب الرب سبحانه وتعالى منه، ثم الندم الحارق لكل حب لذلك الذنب في القلب، وإياك وخداع النفس بتوبة مزيفة يبقى معها حب الذنب في قلبك، فعليك أن تخلع محبة الذنب من قلبك بندم لفعله وندم لتكراره، ومبعث هذا الندم هو حرقة تجدها في قلبك كلما تذكرت أنك قد عصيت ربك وأنت الشاب الحافظ للقرآن والساجد له في الصلوات الخمس كل يوم وليلة، ثم أن تعزم عن ترك رؤية تلك الآثام وما يدعوك إليها ومن ذلك قطع العلائق المتعلقة بتيسيرها لك، على ألا تعود إليها أبدا، معاهدا ربك سبحانه على ابتداء زمن جديد بتوبة صادقة.
ثانيا: الضعف الذي قد تجده في قلبك لمشاهدة تلك الأفلام الإباحية مصدره هو الفراغ القلبي من الاشتغال بالنافع المفيد، فلو أن أوقاتك تلك قد شغلتها بما يعين على ذكر الله أو طاعته أو المباح الذي يمكن أن ينفعك أو يعود بالخير على أمتك فإنك لن تجد وقتا لممارسة تلك الذنوب والوقوع في تلك المحرمات، كذلك فذاك الضعف لضعفك في الاستعانة الحقيقية بالله سبحانه، فلو أنك قد استعنت بربك لأعانك على ترك الذنب، فادع ربك مخلصا من قلبك أن يعينك على ترك الذنب.
ثالثا: القلق الذي تشعر به خوفًا ألا يوفقك الله للزوجة الصالحة نتيجة إقامتك على الذنب وتكراره، قلق قد يكون له وجه صحيح من ناحية النظر، ولكنك يجب أن تعلم أن رحمة الله واسعة وأنه سبحانه يجيب عبده المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، فلو أنك قد أحسنت اللجوء إليه والتوبة من ذنبك وسؤاله تعالى الزوجة الصالحة التي تكون لك عونًا على العمل الصالح فإنه سبحانه يستجيب لك ويرزقك بها ويقدر لك الخير كله، فمدار أمرك على القرب منه سبحانه والتوبة من ذنبك والدعاء الصادق المخلص والشعور بالفقر والعبودية له عز وجل.
رابعًا: أدعوك إلى التوازن النفسي والتعقل والحكمة السلوكية، فلا يقبل بحال كونك تحفظ كتاب الله وتصوم النهار وتصلي في الجماعة ثم أنت تستمر على ذنب كهذا، فأين التوازن إذن؟ وأين طهارة الباطن إذن التي يحاسب عليها الرب سبحانه؟ فإن العمل الظاهر إذا لم يؤثر في قلب المرء وباطنه فيقومه ويحسنه فهو عمل ناقص يحتاج إلى مراجعة وأربأ بك أن تكون ممن حسن ظاهرهم أمام الناس وساء باطنهم أمام الله.
خامسًا: سارع بالبحث عن زوجة صالحة تقية واسأل الله العون في ذلك فهو الكريم سبحانه وهو وحده القادر على غفران الذنب ومحوه والرزق بالخير العاجل والآجل فله وحده السؤال والرجاء ومنه وحده العون والمؤنة.
الكاتب: خالد رُوشه.
المصدر: موقع المسلم.